الجمعة، 26 نوفمبر 2010

كافيه


كافيه

تعودت أن استقطع من يومي سويعات قليلة اجلس فيها في "كافيه" هادئ اقرأ شعراً , رواية , قصة , أو ربما اكتب ما يجول في خاطري غير مكترثاً بأسماء من اقرأ لهم وغير مهتم بمن سوف يقرأ لي , فهذه السويعات امنحها لوجداني كهبة لا ترد ......
كنت اقرأ مجموعة قصصية لأديبة اعشق أسلوبها كثيرا , ثم احتلت خلوتي امرأة لا اعرفها بسلوك ذكرني بأيام الاستعمار حين جذبت كرسي وأجلست نفسها امامى على طاولتي دون استئذان ...
وألقت تحية خشنة مثل هيئتها ثم توسعت في استعمارها قائلة :

"لم يكن عزوفي عن الزواج يؤرقني , ولم يكن انخراط سكين العمر في لحمى يقلقني , ولكن !
رغبتي في أن أكون اماً هي التي ظلت تذبحني وتهلكني , وبحكم عملي في حضانة أطفال فأنا أخالطهم كل يوم وأغذى احساسى نحوهم بما يسكنني إلى اليوم الذي يليه , فلقد زادت رغبتي وجرفتنى إلى الشروع في اتخاذ قرار بتبنى طفل أو طفلة ,,,............ آه ما اقسي هذا الشعور...!
وتراجعت عن هذا القرار ولا أدرى لماذا تراجعت ...."

رأيتني اشعر بارتياب من هذه المرأة فهي لا تعرفني , وما شأني أنا بما تقصه؟ مالي والأطفال ؟ ...
فوجدتني اسألها وقد غلفنى الملل :
وماذا عن الزواج؟؟
أردفت وقد بدت عليها علامات التوتر:
" أنا لا أحب الرجال , لا أطيقهم ! لا اقدر على الحياة مع هذا الكائن لا لشيء سوى انه يملك ملئي بمعين يصبح طفلا يوماً ما ...
نعم ... جاوزت الخامسة والثلاثون من عمري ...!
نعم...ركبت قطار العوانس في بلدي...!
ولكنني افتخر بأنني لم أذق عسيلة الرجال حتى الآن رغم خطوي نحو الأربعين من عمري , ولم اشتهيهم!
صراحة ً بل كان ولا ذال كل اشتياقي للأطفال,,,,
الأطفال فقط..!!"
قاطعتها مستفسراً وقد تمكن منى الملل تماماً:
ولماذا اخترتينى للحديث وأنا رجل؟؟
ردت سريعا بلهجة عفوية :
اخترتك لإنسانيتك, أنا أراك كثيرا هنا , أراك إما ممسكا بكتاب تقرأه أو إما منهالاً على روق تكتب.."
أنهت استعمارها عند هذا الحد وأخذت تفرك في يدها الخشنة ناظرة لي نظرات غريبة لم افهمها ولا أريد فهمها ... فقط أريدها ترحل ...!
غيم علينا الصمت غيمته, واعترانا هدوء ظننته إشارة إلى بركان غضب سوف ينفجر من احدنا...
ثم قاطعت الصمت ناهضة وسلمت على بيد باردة وشكرت حسن الإصغاء وانصرفت , تتبعتها بعين الفضول من خلف زجاج واجهة ال " كافيه" فرأيتها تدفن يدها في يد رجل قبيح الوجه, دميم الخلقة , وسارا في الشارع نحو علامة استفهام كبيرة ....!

مالكة


مالكة


أدمنت رعشة جسدها الشره الفره حين يداعب بيده خصلات شعرها الأسيل,,, فيعزف بأنامله أشهى الحان العشق الابدى, وينقش برجولته منحوتة تعيدها إلى ما قبل البلوغ أنثى رقيقة حالمة ,...
" مالكة " امرأة في محطة عمرها الرابعة , خمرية اللون كطمي النيل , سوداء الشعر المزين بحبات المرمر الأبيض الفخيم , ريقها السكر , عرقها العنبر, ملمسها كملمس أريكة مخملية فاخرة ......
كان قلبها يرقص, يترنح , وهى تلتوي بين يديه كورقة صغيرة تبحث عن قلم يمتطى صهوة سطورها الغضة, لم تكن تعبأ بفارق السن بينها وبينه, هو يصغرها عمرا ولكنه يكبرها حبا وعشقا هما الفيصل في اندفاعها نحوه,
كانت تقضى معه ليالي معدودة , تنهل منه عمرها المسروق , ويرتوي منها شهد جنته المسلوبة , لم يكن لقاءهما لقاء متعة بين جبلين جائعين محرومين بل كان لقاءاً أشبه باندفاع الطفل نحو ثدي أمه جائعا وفى ذات الوقت يحب أمه ولا يقدر على فراقها ....

ظلت تقابله , تذهب إليه تارة ويأتيها تارة أخرى , إلى أن انقطعت "مالكة" , اختفت , لا اثر ولا وجود لها في بيتها ولا في عملها , كل هواتفها لا تنذر بثمة إجابة تغيث ملهوفا ,طال غيابها شهراً يعقبه شهر , وهو يبحث عنها في كل الأماكن التي شهدت عليهم وباركت حبهم وتوجت عشقهم ,أصبحت الحياة في عينه مقفرة , مقذذة , خاوية من النساء ,, فأين مالكة؟ هي كل النساء واصل النساء , ابتلعته دوامة الاشتياق والقلق , صار فى عمله مهملا , فقد عملائه , فقد بهاء طلته , فقد نضارة وجهه المشرب بحمرة الوهج الأصيل , فقد نفسه بعد غياب مالكة....

تذكر انه يوما قد ابلغها عزمه ورغبته في الزواج منها إلا أنها لم ترحب , ترى هل كان عدم الترحاب هذا نوع من دلال يستدعى المزيد من الإلحاح؟
هل عدم تكرار طلبه بالزواج منها هو ما دعاها للغروب ؟
لا ..! مالكة تحبه ولا تسعى لامتلاكه على الورق الحكومي الأصفر ...

وفى ذات يوم بعد شمس المغيب التقاها فجأة ! جرى عليها وكانت تسير بكبرياء جريح , كحمامة وديعة خلبها نسر كاسر وعاود التحليق تاركها تنزف بعزة وإباء....
صهل مشتاقاً , قلقاً , مالكة ... مالكة...!
وقفت واستدارت وفحت في أذنه هامسة باكية :
انقطع عنى سيل الحياة , انقطع طمث الأمل , لن أنساك أبدا يا بني!
ومرت مالكة تشق بكبريائها الجريح صفوف الناس في الطريق تاركة ورائها قلبه المذبوح وقد ملكته إلى الأبد ... إلى الأبد...

انا وحدى




أنــا وحـــدى

هنا !
فى قاع الارض
سكنى وعنوانى ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ!

ان رغبتنى
فا كفر بكل الاشياء
كل الاسماء
اكفر بعدل الارض
وعدل السماء
اكفر بالحب
وبالموت اذا الموت
جاء
ولكن !
اياك ان تكفر بى
حتى تلقانى !

هنا....
فى قاع الارض
عنوانى !
لا احد سوانا
قاع الارض
وأنا !


قَُسُمِتْ المنايا من
فوق السماء
عليكم جميعا
وظل موتى فى
قاع الارض
ارجوه فيعصانى !
وعسيلة نكاحى بينكم
تتزينُُُُُُُُُُ ,
لغيرى صارت مرتعُُْْ
بالذل تارة
وتارة بالهوان ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ!

فلا تقل لى انى كأحدكم
فأنا يا صاحبى
شىء بين الانسان
والجانِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ!

فى قاع الارض هنا
عظام ُُُ ُُُ لعظماء ٍٍٍ ماتوا ,
فى قاع الارض هنا
تراب ُ ُ كان فى يومٍٍٍٍ
جبروتٍٍٍٍٍ داخل أبـدانِِِِِِِِِِِ ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ!

فى قاع الارض تكمن الحقيقة
كل الحقيقة,
أكمن أنا
وانا جزءُُُ ُُ من الحقيقة
ان اردت شكرى وعرفانى !!
فى قاع الارض
ليالٍ سوداء..
أمالٍ عرجاء..
والقهر سوط ٌٌ يعربد
فى جسدى
يصنع منى ماخوراً
كى ابدو بين الناس مخموراً
وسخرية كل الازمان ِِِِ !!
أقبل على ولا تبالى
لا ذلت على قلبى أمراًًًًً
ًوهو الذى أبداً ما ينهانى!
ورغم الخمرِِِِِ ِِِِ والاحزان ِِ ,
ورغم الاسرِ ِِِ والحرمان ِِِ ,
ورغم كل ما يمرق امامى
من أودية ٍ وغرقى
تاهت عنهم الشطأن ِِِِ,
الا اننى اكرر دعوتى
لأناس لم يعلموا منى
سوى مودتى
لم يروا ابداً
غضبى او حماقتى
لم يرونى وانا اتنفس الجُرمَ
وابتلع ُ الغوانى !!
اكررها صاخبة ْ
اكررها عاتية ْ
اكرهها جريحة ْ
انا هنا !
وحدى...
فأضحك
وارتشف رشفة من دمائى
ليثّبّت فى قاع الارض
سكنى وعنوانى !!!

ابنتى


ابنتى

كبرى بناتى تسألنى ,
لما يا أبى تنحت
وجهك الدموع؟
لما يا أبى تحن
عروقك للرجوع؟
وانت الذى صرت فينا,
وصرنا فيك ,
قفصا ً صدرياً
يـٌظـِِِِِِلٌٌ الضلوع ...!

لم أعهدك يا أبى ضعيفاً...
وأراك دوماً نظيف اليد عفيفاً ...
ولم أرى ليدك فى الظلم ِِ,
او فى السطو ضلوع ....!

والان يا أبى
يئن جفنك باكيا ً ,
تسحقنى تلك الدموع ,
ويزلزل فخرى بأن أبى
هو من يتبعه الفج والجموع ...!

مقدورك يا أبى
لا مناص منه
ودربك يا أبى
لا فرار عنه
مهما زينت سفينة
رحيلك عنا بأعتى القلوع ...!


اخرج با أبى
من بوابة الدياجى
أطلق سراح عزك
فى أراضينا ,
أنر المظالم
بأثمن انواع الشموع ...!

يا صاحب الرفعة والمقام,
أيقظ ذوى الغفلة والنيام ,
أعد اسمك واسمى
من بعدك لمدار السطوع ...!

يا أبى وسيدى ,
اه ٍ لو تعلم كم أحبكْ !!!
لكنت أغدقت على قومنا ,
فلا هلك أحدٌٌٌ ٌٌٌ فى عهدك,
ولا عاث بالفساد فينا
قهر العطش ِ
و ذل الجوع ْ...!

تمهلى يا ابنتى !!!
فقلب ٌأبيكِِِ مٌـغتًًًًصب ٌٌٌ ٌٌ ,
وقول ٌ أبيكِ مُُـقًًتطب ٌٌ ٌٌٌ ,
فالرجل ٌ منا بلا قلب ٍ
يضحىَ كأرض ٍٍٍ خِربة ٍٍ
وحصاد ٍٍ مقلوعْ ...!!

لا تنتظرى منى أجوبة ٌٌ ٌٌ ,
ولكنى أعدك ,
اننى لن أترك لك
بعد موتى ,
من يذكرك بسلطان ٍٍٍ
زاهدٍٍ مخلوع ْ....!
ودعينى فى أحزانى ,
فلا الأمس ُكان أمسى
ولا اليوم ُرغد ُُ نفسى
ولا الغدُ سيصبحُ
فى قاموس ِِعمرى
أمل ٌ ٌ مشروع ْ...!

فأبيكى يا ابنة شرايينى
كحد ِ السيف ِ
القاطع ِ للظلم ِ
الغير ِ مقطوع ْ...!

فاخلدى الى راحتىّ َ
ونامى ,
عل ّّّّّّّّ الله يأذن بالرجوع ...ْ!


كبرى بناتى تسألنى ,
لما يا أبى تنحت
وجهك الدموع؟
لما يا أبى تحن
عروقك للرجوع؟
وانت الذى صرت فينا,
وصرنا فيك ,
قفصا ً صدرياً
يـٌظـِِِِِِلٌٌ الضلوع ...!